خبر لماذا تعاظمت مكانة سلاح البحرية الإسرائيلي بعد الربيع العربي؟.. صالح النعامي

الساعة 06:39 م|19 ابريل 2015

قطعت (إسرائيل) خلال العقد الأخير شوطاً كبيراً في تطوير وتعزيز قدرات سلاح البحرية،حتى أصبح ينافس سلاح الطيران على الاستحواذ على أكبر قدر من الموارد المخصصة للجيش،وذلك ضمن تصور إستراتيجي شامل يلعب فيه هذا السلاح دور « رأس الحربة » في مواجهة التحديات التي تواجه الكيان الصهيوني. ومما يبرر حجم الاستثمار الهائل في تعزيز قدرات سلاح البحرية حقيقة أن هذا السلاح يحتكر وحده تنفيذ 50% من العمليات الميدانية السرية والعلنية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في العام، كما كشفت عن ذلك صحيفة جيروسلم بوست في عددها الصادر بتاريخ 13-8.

إن أوضح ما يدلل على حجم الاستثمار في بناء القدرات البحرية للكيان الصهيوني حقيقة أن إسرائيل أصبحت قوة عالمية فيما يتعلق بسلاح الغواصات الإستراتيجية القادرة على حمل رؤوس نووية. فقد بلغ عدد الغواصات الإستراتيجية التي بحوزة سلاح البحرية الإسرائيلي من طراز « دولفين » الألمانية، الأكثر تطوراً في العالم أربعة، وسيصبح ما بحوزة إسرائيل من هذه الغواصات في نهاية العقد الجاري.

ولا توجد في العالم يبلغ عدد سكانها حوالي ثمانية ملايين نسمة وتملك ستة غواصات إستراتيجية. وإلى جانب الاستثمار في شراء الغوصات الإستراتيجية،فأن إسرائيل ضاعفت من عدد سفن الصواريخ التي تمتلكها،علاوة على استثمار مخصصات ضخمة في تطوير وانتاج صواريخ بحر أرض،متوسطة وطويلة المدى. إن ما دفع إسرائيل لتعزيز سلاح البحرية على هذا النحو، حقيقة أنها تفترض أن التحولات التي تعصف بالعالم العربي يمكن أن تفضي إلى تهديد تجارتها الخارجية،التي يمر 90% منها عبر البحار.

ويشير البرفسور إفرايم عنبار مدير « مركز بيغن السادات للدراسات الإستراتيجية »،التابع لجامعة « بار إيلان » أن حقيقة تحكم العالمين العربي والإسلامي في أهم المعابر البحرية العالمية يفرض مضاعفة الاستثمار في مجال تأمين التجارة الخارجية الإسرائيلية بواسطة تأمين السفن التجارية بقطع بحرية عسكرية.

وفي دراسة صدرت مؤخراً عن المركز، حذر عنبار من أن جماعات إسلامية بإمكانها استهداف السفن التجارية الإسرائيلية في هذه الممرات. ومما لا شك فيه أن أهم دور إستراتيجي يفترض أن يقوم به سلاح البحرية يتمثل في تمكين إسرائيل من توجيه الضربة النووية الثانية في حال تعرضت لهجوم نووي من دولة ما.

وحسب عمير بوحبوط، المعلق العسكري لموقع « وللا » الإخباري، فأن إسرائيل تعتبر أن سلاح البحرية فقط هو الذي يوفر الرد الإستراتيجي على أي هجوم نووي يمكن أن تتعرض له،على اعتبار أن وجود الغوصات المزودة بالرؤوس النووية في عرض البحر يمكن من إبقاء هامش المناورة العملياتي على الصعيد النووي مفتوح وواسع.

ووفق هذا التصور،فأن فاعلية سلاح الغواصات لا تتأثر سلباً نتيجة أي هجوم نووي تتعرض له إسرائيل،حيث بإمكان الغوصات أن تتواجد بالقرب من شواطئ الدولة المستهدفة. ويلعب سلاح البحرية دوراً مركزياً فيما تعتبره (إسرائيل) « إحباط عمليات تهريب السلاح والوسائل القتالية » لكل من المقاومة الفلسطينية وحزب الله.

وقد ادعى الجيش الصهيوني خلال العقد الأخير احباط عمليات تهريب إرساليات سلاح كانت في طريقها من السودان وإيران وغيرها. وفي الوقت ذاته، فأن سلاح البحرية يسهم في تأمين حقول الغاز التي اكتشفت قبالة سواحل فلسطين.

وتخشى (إسرائيل) أن تقدم أطراف معادية على مهاجمة هذه الحقول،التي باتت ذخراً إستراتيجياً للكيان الصهيوني،وهو الأمر الذي جعل سلاح البحرية يخصص تشكيلاً عسكرياً بحرياً مهمته الوحيدة تأمين هذه الحقول. وفي الوقت ذاته،فأن سلاح البحرية بات يزاحم أذرع الجيش الأخرى في تنفيذ المهام الحربية التقليدية.

فقد ذكرت صحيفة « يديعوت أحرنوت » في عددها الصادر بتاريخ 20-8 أن عشرات المنازل الفلسطينية قد دمرت خلال الحرب الأخيرة على غزة بواسطة صواريخ أطلقت من سفن حربية إسرائيلية كانت تتمركز على سواحل غزة. في الوقت ذاته،فأن سلاح البحرية أصبح تقريباً السلاح الوحيد الذي يكمل جميع أذرع الجيش الأخرى.

ويقول الجنرال إليعازر مروم، القائد السابق لسلاح البحرية أنه نظراً لأن الغواصات بإمكانها البقاء فترة طويلة تحت الماء،فأنها تستخدم من قبل الوحدات الخاصة في تنفيذ عمليات سرية تتم على بعد آلاف الأميال عن (إسرائيل).

وكشف تحقيق نشرته موقع « وللا » الاخباري إن إسرائيل توظف الغواصات في تنفيذ هجمات إلكترونية ضد أطراف عدة. ولا خلاف في تل أبيب على أن سلاح البحرية منح (إسرائيل) قدرة ردعية كبيرة،حيث إن إدراك الأطراف طابع وحجم قدراتها البحرية على المستوى الإستراتيجي سيقلص من رغبة هذه الأطراف لمهاجمتها.