خبر أكانت كارثة؟ .. هآرتس

الساعة 08:10 ص|17 ابريل 2015

بقلم

(المضمون: التاريخ يفيد بان في العالم الوحشي والتهكمي الذي نعيش فيه، اذا لم تكن لك القوة، فانك تعتبر ميتا. هذا هو الدرس من الكارثة ومن حروب اسرائيل، وهو ما ينبغي أن يغرس فينا جميعنا، بمن فينا من يطلب الغاء يوم الذكرى للكارثة والبطولة - المصدر).

هذا هو الاسبوع الافظع والاهم في رزنامة السنة. أمس تذكرنا قتل الستة ملايين، وفي الاسبوع القادم سنقف دقيقة صمت في ذكرى شهداء معارك اسرائيل وبعدها سنحتفل بيوم الاستقلال. نوع من الثلاثي الذي يمثل بدقة الحراكات المجنونة التي اجتازها الشعب اليهودي في القرن العشرين.

معقول الافتراض بان اسرائيل ما كانت لتقوم لولا مشاعر الذنب القوية لكل الدول الغربية، التي لم تحرك ساكنا كي توقف آلة الابادة النازية. فهم ما كانوا ليصوتون الى جانب مشروع التقسيم، في تشرين الثاني 1947 لولا ذكرى الستة ملايين.

لولا مشاعر الذنب العالمية لما كنا حصلنا على السلاح، المال والدعم السياسي على مدى السنين. لولا « الحل النهائي » لكنا تعرضنا منذ زمن بعيد لعقوبات شالة.

وأكثر من ذلك، الستة ملايين هم جزء مركزي من تجربتنا. هم اباؤنا وامهاتنا. هم لحم من لحمنا. فيمكن لنا ان نجن من الغضب والرعب، حين نسمع حتى قصة قصيرة واحدة عن ام اقتلعت من فمها سنا ذهبية كي تجلب لابنتها في الغيتو كسرة خبز.

وعليه فصعب ان نفهم كيف يمكن لاحد ما ان يقترح الغاء يوم الذكرى للكارثة والبطولة (نعم، من نجا يوما واحدا في اوشفتس هو بطل) بحجج تجملية وما بعد حديثة.

اشعر بالعكس بالضبط. اشعر بقرب تماثل مع اولئك الذين اجتازوا المراحل السبعة من الجحيم. ولهذا، فلست فقط غير مستعد لان اقبل الفكرة الشوهاء بالغاء يوم الذكرى، بل اني مع تعزيزه. ينبغي الاستماع لمزيد من شهادات الناجين، مشاهدة المزيد من الافلام، تلاوة اسماء الذين قضوا نحبهم في الكنيست، الوقوف بصمت عند الصافرة، المشاركة في « مسيرة الحياة » بين اوشفتس وبركناو، بل أن أرى بعيني حقا الطرق التي تحول فيها ابناء شعبنا الى الرماد.

ولكن اذا اقترح الغاء يوم الكارثة، فلماذا لا نلغي في نفس الفرصة ايضا يوم الذكرى لشهداء معارك اسرائيل؟ فلعل هذا سيكون الاقتراح التالي، في وتيرة التطور ما بعد الصهيوني. فمن هم على الاطلاق اولئك الـ 23 الف شخص الذين قتلوا في الحروب؟ ما الذي فعلوه؟ ضحوا بحياتهم الشابة كي يسمحوا لنا بالحياة؟ ماذا في ذلك؟ يمكن القفز عنهم ايضا، والانتقال مباشرة الى مناقل يوم الاستقلال.

ولكن في واقع الحال، من يحتاج الى يوم الاستقلال؟ لعله من المجدي العودة الى الحياة الطيبة في اوروبا وفي شمال افريقيا لنكون مرة اخرى يهود منفى بائسين ومضطهدين، يهينوننا جميعهم وننحني خوفا أمام الطاغية.

لا يفكر اليسار السياسي العادي هكذا. فهو ليس يسارا انتحاريا. وهو لا يحرق الماضي بل ويحترم التاريخ ويتعلم منه. اليسار سوي العقل يفهم بان صدمة الكارثة واقامة الدولة هما الفصلان الاكثر اهمية في تاريخ الشعب اليهودي في العصر الجديد. كما انه يفهم بانه بدون الشجاعة والتضحية لشهداء معارك اسرائيل لما كان هو هنا اليوم. اليسار المحب للحياة يفتخر بيوم الاستقلال ولا يخجل من رفع العلم.

اليسار سوي العقل يريد أن ينهي الاحتلال وان يصل الى حل الدولتين ولكنه غير مستعد لان يقبل « حق العودة » الذي يصفينا. اليسار العادي يفهم، بانه لا تزال توجد دول وزعماء في ارجاء العالم يريدون موتنا. ايران مثلا.

 رجال اليسار، ليس اولئك العالقين في كراهية الذات، يفهمون بان بنيامين نتنياهو يمكنه ايضا أن يكون محقا بين الحين والاخر. مثلا، عندما يحاول ان يمنع عن النظام المجنون في ايران نيل قنبلة ذرية. فايران لا تهدد الولايات المتحدة واوروبا، ولكنها تهددنا نحن.

التاريخ يفيد بان في العالم الوحشي والتهكمي الذي نعيش فيه، اذا لم تكن لك القوة، فانك تعتبر ميتا. هذا هو الدرس من الكارثة ومن حروب اسرائيل، وهو ما ينبغي أن يغرس فينا جميعنا، بمن فينا من يطلب الغاء يوم الذكرى للكارثة والبطولة.