خبر أين هو من بن غوريون -معاريف

الساعة 10:52 ص|01 مارس 2015

فلسطين اليوم

أين هو من بن غوريون -معاريف

بقلم: بن كسبيت

          (المضمون: نتنياهو يساوي بين خطابه في الكونغرس واعمال زعماء اسرائيليين نفذوا قراراتهم وصنعوا تاريخ عندما كانت مواقفهم مخالفة للموقف الامريكي - المصدر).

          في المقابلة التي أجراها مع المحطة الاذاعية الحريدية « صوت برماه » في يوم الجمعة أوضح نتنياهو بأنه ليس الزعيم الاسرائيلي الاول الذي خاض مواجهة مباشرة مع الادارة الامريكية. احيانا لا يكون هناك مناص، ويجب التمسك بمصالح دولة اسرائيل حتى لو كان ذلك لا يتساوق تماما مع الرأي الامريكي. وقد أعطى نتنياهو عددا من الامثلة: دافيد بن غوريون الذي أعلن عن اقامة الدولة خلافا لرأي الامريكيين، ليفي اشكول الذي بادر الى حرب الايام الستة مخالفا رأي الامريكيين، وأخيرا مناحيم بيغن الذي هاجم ودمر المفاعل النووي العراقي خلافا لرأي الامريكيين.

          اذا لم يكن ذلك مغضبا فقد كان مضحكا. الامثلة الثلاثة التي أوردها نتنياهو هي امثلة صحيحة ودقيقة لكن لا علاقة لها بما يفعله. بن غوريون واشكول وبيغن قاموا بأعمال تاريخية، فقد نفذوا. فكروا وترددوا ووزنوا وفي النهاية قرروا. بعد أن قرروا نفذوا. أحدهم أعلن عن اقامة الدولة وفورا خاض حرب الاستقلال الدموية. الثاني بادر الى خوض حرب ضد ثلاث دول عربية. الثالث هاجم مفاعلا نوويا على بعد آلاف الكيلومترات.

          أما نتنياهو؟ هل فعل شيئا؟ هذا الرجل لم يفعل شيئا. الذي يريد فعله هو أن يخطب، يتحدى،  يتشدق، لو أنه ذهب لمهاجمة البنية التحتية الايرانية لكانت الامثلة جيدة. لأن الحديث سيكون عن افعال، عمل، مبادرة اسرائيلية هدفها ازالة خطر وجودي. لكن عندما يكون الحديث عن افعال من هذا النوع فان نتنياهو يختفي ويتلاشى ويذوب ويتحول الى بركة مياه صغيرة. لقد كان يمكنه مهاجمة النووي الايراني في 2009، وكان يمكنه مهاجمته في 2010، وفي 2011، والاسهل أن يكون في 2012 لأن رؤساء الاجهزة الامنية الثلاثة المعارضين (ديسكن ودغان واشكنازي) كانوا قد تركوا الخدمة، وكان اوباما يخوض حملة انتخابية صعبة. لكن حينئذ عندما كانت لديه فرصة حقيقية ليكون بن غوريون أو اشكول أو بيغن، فان نتنياهو تأرنب وخاف ولم يكن مستعدا للمخاطرة بمستقبله السياسي من اجل مستقبل الدولة ومستقبل الشعب.

          ما بقي له هو أن يتحدى. ففي الاحاديث لم يوقف أحد اجهزة الطرد المركزي. خطابه سيتلاشى بعد بضعة ايام من سماعه وتأثيره سيكون محدودا ولن يتأثر أحد بصورة خاصة في موسكو أو في بجين أو برلين أو لندن أو باريس أو البيت الابيض. ما سيتدمر أكثر هو العلاقات الحميمة بيننا وبين الولايات المتحدة. لهذا عندما يلوح نتنياهو بأعمال الزعماء الثلاثة، بن غوريون واشكول وبيغن، فكل ما يبقى علينا عمله هو الضحك. أين هو منهم، اولئك هم من عملوا مقابل من تكلم.

          في نفس المقابلة الاذاعية أطلق نتنياهو قنبلة اخرى. فبعد اعادة انتخابه وتشكيل حكومته الرابعة الامر الاول الذي سيفعله هو رفع العقوبات الجنائية عن الحريديين الذين يرفضون التجند للجيش. يقول نتنياهو إنه ليس بامكان شاب حريدي كل ما اقترفه هو رغبته في تعلم التوراة أن يُرسل الى السجن.

          بعد ذلك رفع نتنياهو في صفحته في الفيس بوك نص هذه المقابلة، ولسبب ما فقد أزيلت من النص الاقوال بشأن التجنيد، وهو يعرف جيدا لماذا. هذه الاقوال لرئيس الحكومة هي فضيحة كبيرة تمزق القناع عن وجهه. نتنياهو يعود ليكون بيبي نفسه الذي يغمز الحريديين ويهمس في الأذن الصماء للحاخام كدوري ويلتهم الديدان سراً ويتملق الحريديين علنا.

          بالمناسبة، « العقوبات الجنائية » التي فرضت على الحريديين المساكين هي مجرد ضجة اعلامية من انتاج نتنياهو. لم تفرض عليهم أي عقوبة غير مفروضة علينا، ما قام به قانون التجنيد هو في الحاصل مساواة شروط الشاب الحريدي بشروط أبناؤنا. الشاب أو الشابة غير الحريديين الذين يرفضون التجنيد للجيش يعتبرون مرتكبي مخالفة جنائية. هكذا سيكون الامر منذ الآن مع الشباب الحريديين إلا اذا تم انتخاب نتنياهو من جديد كما هو مفهوم.