أين دور الجهات الرقابية في حكومة الوفاق؟

تقرير الموزعون والسائقون والاحتلال.. من المتهم بأزمة الغاز بغزة؟

الساعة 03:06 م|22 نوفمبر 2014

غزة

"لم يتوقع الحاج أبو محمود أن يوقف رحلته الترفيهية لأطفاله بأقصى سرعة وخاصة فور وصول السيارة التي طلبها من أحد المكاتب في مدينة غزة والسبب ليس سوى اكتشافه بأن أنبوبة الغاز الخاصة به والتي أرسلها منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع لأحد الموزعين لتعبئتها قد وجدها في سيارة الأجرة التي طلبها لإيصاله إلى أحد الأماكن لترفيه الأطفال بعد الحرب الإسرائيلي على غزة".

أبو محمود وعلى مدار الأسابيع الثلاثة، كان يستخدم حطب الزيتون الذي تم تدميره بفعل آلة القتل الصهيونية خلال الحرب على غزة بهدف طهي الطعام وخاصة على "الإفطار والغذاء والعشاء" ما يؤدي لاستهلاك كمية كبيرة من حطب الزيتون الذي بدأ يختفي نتيجة الاستهلاك المتكرر.

"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" أجرت مقابلات عدة مع المواطنين والسائقين وموزعين والشرطة ووزارة الاقتصاد للوقوف على أزمة غاز الطهي التي زادت تفاقماً مع قلة الكمية المسموح بإدخالها من قبل الاحتلال الإسرائيلي حيث أكد الجميع على أن من يدفع أكثر يحصل على أنبوبة بأقرب وقت وبشرط أن لا يتم تداول الأسعار التي يدفعها السائق للموزع أمام الشرطة أو هيئة البترول أو المواطنين.

أسطوانتي وجدتها في سيارة

المواطن خليل سالم أكد أن أنبوبة الغاز الخاصة به انتهت منذ ما يقارب 15 يوماً وبين فترة وأخرى أذهب للموزع الذي يقول لي لم يتم تعبئتها بعد أو يقول لقد أرسلتها مع عدة أنابيب إلى محطة التعبئة وما زلت أنتظر بها معللاً ذلك بوجود أزمة غاز في البلاد لكن الحقيقة وفقاً للمواطن بنر فإن أنبوبة الغاز وجدها في إحدى سيارات الأجرة.

وعن سؤاله للموزع والشكاية عنه للشرطة قال: "لقد راجعت الموزع والذي علل السبب بأن السائق يغريه بدفع مبلغ أكبر من المواطن والذي وصل في بعض الأحيان نحو 90 شيقل وأقل نحو 80شيقل وعندما هددته بالتوجه للشرطة قال غداً ستصلك أنبوبة الغاز بشرط ما اتعبي عندي مرة تانية"، لافتاً المواطن خليل لمراسلنا بأن القصة أصبحت ابتزاز من يدفع أكثر يحصل على أنبوبة غاز.

بينما الموطن أبو خالد فيقول لمراسلنا: "لقد انتهت أنبوبة الغاز الخاصة بي قبل أسبوعين وبعد مطالبات حثيثة للموزع خيرني الموزع بين الصبر أو الحصول على أنبوبة غاز لعائلة أخرى من نفس المنطقة بسعر 70شيقل مع أن المواطن صاحب الأنبوبة بحاجة هو الأخر إليها، لكن احتياجي للغاز دفعني لقبول ذلك خاصة وأن الموزع اشترط علي أن لا أقول لصحابها الرسمي".

قصة محرجة لسائق

وفيما يتعلق بقصة السائقين قال السائق طارق والذي رفض الإفصاح عن عائلته لمراسل "فلسطين اليوم": "أحتاج يومياً لأنبوبة ونصف من الغاز وأحصل عليها بسهولة من الموزع بعدما أدفع نحو 80شيقل وفي أيام أخرى أدفع 90 شيقل للحصول عليها بنفس الوقت".

وأضاف السائق وهو مُحرج: "في أحد الأيام اتصل بي مواطن لإيصاله لمكان معين والمشكلة أن الأنبوبة التي كنت أشتغل عليها للمواطن ذاته وكنت أخشى أن يطلب مني فتح "الشنطة" لوضع أغراض لنقلها وبحمد الله لم يطلب وبعد أن سرت نصف الطريق انتهى الغاز وأصبت بالإحراج مرة أخرى ثم قررت بلحظة أن أقوم بتعبئة السيارة بالبنزين لحين الانتهاء من الطلب المُحرج".

وشدد السائق طارق أن ارتفاع سعر البنزين والسولار وانخفاض أجرة الراكب يدفعني وغيري من السائقين إلى تحويل السيارة من البنزين والسولار إلى الغاز وذلك للتوفير وللحصول على مربح مناسب.

موزع يبيع بأسعار مرتفعة ولا يعطي كبونة

من جانبه أكد أحد الموزعين الذين رفض الإفصاح عن نفسه لمراسل فلسطين اليوم الإخبارية"، أنه وفقاً لجدول تعبئة الغاز من المحطة له يومين في الأسبوع ويقوم بتعبئة أنابيب المواطنين وبيعها للسائقين بأسعار مرتفعة.

وأوضح الموزع أن الأوضاع الاقتصادية صعبة، ومربح 5 شيقل من أنبوبة الغاز ليس كافياً للتكيف مع الأوضاع الاقتصادية بغزة لذلك أسعى كغيري العشرات من الموزعين لبيع أنابيب الغاز للسائقين لربح مبلغ مناسب يتراوح من 15 إلى20 شيقل.

ولفت الموزع أن قصة الكبونة التي فرضت علينا من وزارة الاقتصاد لا نستخدمها خشية من شكوى المواطنين للشرطة".

وفيما يتعلق بشكوى المواطنين الذين وجدوا أنابيبهم مع السائقين أكد أن الإحراج سيد الموقف ولا استطيع أن أفعل شيء إلا تدبير أنبوبة له في أسرع وقت لإخماد غضبه، وإذا تم شكواه للتأخير فيقول الأنبوبة عند المحطة تنتظر التعبئة، لافتاً إلى أن قلة دخول الغاز عبر معبر كرم أبو سالم من الجانب الإسرائيلي عاملاً رئيسياً في أزمة الغاز التي تعصف بقطاع غزة.

وعن دور الشرطة في الحد من أزمة الغاز فقد قال الرائد أيمن البطنيجي الناطق باسم الشرطة: "نحن نشعر بمعاناة المواطنين لكن لا نتحرك إلا بعد توجيهنا من قبل وزارة الاقتصاد قسم التموين".

بينما الناطق باسم وزارة المواصلات خليل الزيان قال في تصريح مقتضب لـ"فلسطين اليوم": "لا يوجد قانون يمنع أو يسمح بتحويل السيارة من بنزين وسولار إلى غاز".

الاقتصاد تقلص إجراءات الرقابة

وفيما يتعلق عن الدور الرقابي لوزارة الاقتصاد فقد أكد الدكتور رائد الجزار مدير دائرة حماية المستهلك بالوزارة، أن أزمة غاز الطهي لها سببين الأول أن الكمية التي تدخل قطاع غزة هي النصف، يومياً يدخل 160 طن من الغاز وهي نصف الكمية اليومية التي يحتاجها قطاع غزة في فصل الشتاء والسبب الأخر أن قطاع كبير من السائقين يستهلك الغاز ولهذا الأزمة مستمرة ولن تتوقف.

وقال الجزار في تصريح لفلسطين اليوم الإخبارية: "وضعنا إجراءات رقابية على المحطة والموزع لتوزيع الغاز على المستهلك وأهم تلك الإجراءات إجبار الموزع على التوقيع والتعهد بعدم بيع الغاز بسعر مرتفع سواء للمستهلك المنزلي أو السائقين لعدم وجود قانون يمنع بيع الغاز للسائقين لكن وضعنا تسعيرة محددة يجب على الموزع الالتزام بها.

وأضاف، فرضنا على الموزع ابتعاث كشف بأسماء أصحاب أنابيب الغاز للمحطة والتي بدورها تعمل على الاتصال بصاحب الأنبوبة وتنبيهه بأن الأنبوبة تم تعبئتها وعليك الذهاب إلى الموزع لأخذها.

مؤكداً أن الإجراءات مستمرة لكن الأوضاع الاقتصادية أيضاً سبب كبير في تهرب أصحاب المحطات والموزعين من هذه الإجراءات".

وشدد على أن الوزارة فرضت على كل موزع شرطي لمراقبة التوزيع مشيراً إلى أن الموزعين المنتشرين على قطاع غزة يبلغ عددهم نحو 1500 موزع وكل موزع يحتاج إلى شرطي بذلك نحتاج إلى 1500 موظف شرطي لمراقبة التوزيع لكن الأوضاع الاقتصادية وشح السولار الخاص للشرطة أدى لتقليص الإجراءات في رصد المحطات والموزعين.

ودعا الجزار عبر وكالة فلسطين اليوم الإخبارية الجميع من شرطة ومرور وحكومة لوضع قانون يمنع تحويل السيارات من بنزين وسولار إلى غاز، مؤكداً أن دخول كمية قليلة من الغاز يمكن أن نتكيف بها ما دام الاستهلاك محدود على المنازل والمطاعم.