خبر ثمن الثرثرة- يديعوت

الساعة 11:52 ص|16 نوفمبر 2014

بقلم: ايتان هابر

بقدر ما يُقرأ هذا ويُسمع كأمر غريب، فان الجيش والشاباك سقطا ضحية ثقافة جديدة نسبيا هما من كبار زبائنها وأكثرهم احتراما. بيني غانتس ويورام كوهين، رئيس الاركان ورئيس الشاباك، لم يخترعا ثقافة الثرثرة ولكنهما لم يصمدا امام الاغراء ومؤسستاهما، الجيش والشاباك، طوراها حتى السقوط الكبير الاسبوع الماضي. والان، فان ألف رجل اطفاء وصحفي لن ينقذوا الجيش والشاباك من الحفرة العميقة. فتحت الجلد السميك لضباط الجيش ومسؤولي الشاباك سيتدفق دم فاسد لزمن طويل آخر.

وهاكم تفسير: الجيش وجهاز الامن في كل دولة، وبالتأكيد في اسرائيل، هما بحكم طبيعتهما سريان. يمكن حتى القول ان نجاحاتهما متعلقة بسريتهما. وهناك عدد لا يحصى من الامثلة في هذا الشأن. احدها، وربما افظعها، هو السرية التي أحاطت باستعدادات الجيشين المصري والسورية عشية حرب يوم الغفران. وحسب أحد بحوث شعبة الاستخبارات "أمان" فان أربعة اشخاص فقط من أصل عشرات ملايين المصريين عرفوا بالموعد الدقيق لبدء الحرب. ومهما نفينا، فقد كانت هذه مفاجأة كبرى. مئات من جنود الجيش قتلوا في اليوم الاول من تلك الحرب، وهم حتى لم يعرفوا بانه نشبت حرب.

لا يمكن للجيش والشاباك ان يعيشا، ان يوجدا وان يعملا الا تحت ساتر السرية. وهذه هي ذات السرية التي توفر الدم، وحياة اعزائنا. ولكن، سيقال لي على الفور، ان الازمنة قد تغيرت. نحن في عصر الفيسبوك، التويتر والانستغرام، وكل آهة تصل من الهند الى السند. ولا يمكن وقف دواليب الزمن، وينبغي الانخراط، والفهم بان المنظومة العسكرية تغير وجهها (سبق ان كتبنا ان "صورة واحدة تساوي ألف كلمة"؟). والسؤال الختامي هو الاكثر إثارة: أين أنت تعيش؟

وجوابي هو: في دولة اسرائيل، التي لا تزال تقاتل في سبيل حياتها. قسم هام من اسرة الاستخبارات في العالم تستمع الينا، تتنصت علينا، تتعرض على كل تفاصيلنا، اما نحن فنبذل كل جهود مستطاع لحماية أنفسنا من عاقدي المؤامرات. محظور علينا أن نخطيء حتى ولا مرة واحدة. فهذه ستكون مرة واحدة اكثر مما ينبغي.

ولكن ليس الجيش، وعلى ما يبدو أيضا ليس الشاباك، يمكنهما أن يصمدا امام الاغراء: في الاجواء العالمية للانفتاح وطوفان المعلومات يقول الجميع، يكتبون ويصورون كل شيء – ولكن في اسرائيل رفعوا الانفتاح الاعلامي الى مستوى الفن. من رئيس الوزراء فأسفل، كلهم تلتقط صورهم وكلهم يتحدثون، حتى عندما لا يكون هناك ما يقال.

في مثل هذا الوضع لا يمكن عدم الانخراط. وبالتالي فانهم يقيمون وحوشا اعلامية داخل الاجهزة، والوحوش تريد أن تأكل وتطعم. كل واحدة من الهيئات الاعلامية التي في الجيش وفي الشاباك تتلقى الراتب وملزمة بان تبرره. وبالتالي يعملون ويلحقون الاضرار بالجيش وبالشاباك، بمحافل الامن الاخرى، بدولة اسرائيل.

ومع ذلك، يوجد في اسرائيل جيد امني هام غير مستعد لان "يتدفق" مع الاحداث، ومثل الطفل الهولندي اياه الذي يسد باصبعه بوادر التنقيط. وهذا هو "الموساد" – الهيئة التي يمكنها "ان تبيع" القصص الاكثر تشويقا على وجه البسيطة، ورجالها يحظون في احيان بعيدة بالمجد، ولا سيما بعد موتهم.

إذن صحيح انه لا يمكن بل ولا حاجة لمحاولة الرجوع الى الوراء، ولكن عندما لا يخترع العقل اليهودي الابتكارات، فان ما حصل في الماضي هو ايضا ابتكار. فمثلا، لم يجدوا بعد ردا سليما على الهواتف النقالة، التي تشكل خطرا من الدرجة الاولى على حياة المقاتلين. فماذا فعلوا؟ عشية حملة "الجرف الصامد" سلموا للمقاتلين سلاحا حديثا ومتطورا من الدرجة الاولى: مغلفات. المقاتلون أدخلوا الاجهزة النقالة الى المغلفات التي سجلت اسماؤهم عليها، وهكذا علوا، جزئيا، الخطر على حياة الكثير من المقاتلين. لن نعرف ابدا كم جنديا شابا يسيرون بيننا يعيشون ومعافون بفضل تلك الفكرة لجمع الاجهزة النقالة وتلك الاداة القتالية الرائعة: المغلفات.