خبر حنق أميركي وشتائم: نتنياهو جبان وثرثار.. حلمي موسى

الساعة 07:56 ص|30 أكتوبر 2014

ارتفعت حدة الخلافات وتبادل الاتهامات بين الإدارة الأميركية ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لتبلغ بالعلاقات بين الحكومتين دركاً لم يسبق له مثيل. فقد اتهم مسؤولون أميركيون نتنياهو بالغطرسة والجبن في كل ما يتعلق بتهديداته العسكرية لإيران، وألمحوا إلى احتمال أن يكف الرئيس باراك أوباما عن حماية إسرائيل في مجلس الأمن الدولي عبر استخدام حق النقض «الفيتو».
ورد مسؤولون إسرائيليون على الحملة الأميركية معتبرين أنها مقدمة لتخلي إدارة أوباما عن إسرائيل، فيما اعتبرها نتنياهو نفسه عقاباً له «جراء دفاعي عن دولة إسرائيل».
وبرغم ارتفاع وتيرة تبادل الاتهامات بين رئيس الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، إلا أن مسؤولين في الإدارة يؤكدون أن لا وجود لأزمة بين الدولتين. ومع ذلك تتزايد الأنباء حول تنامي التعاون خلف الكواليس بين الولايات المتحدة وإيران في كل ما يتعلق بالعراق ومحاربة «داعش»، بل وتخفيفاً لحدة العداء الأميركي تجاه «حزب الله» وحماس.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إن هناك تخفيفاً في العداء وتعاوناً هادئاً بين واشنطن وطهران.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، أليستر ساكي، إن الولايات المتحدة «لا تؤمن بوجود أزمة في العلاقات مع إسرائيل. فقد بقيت قوية كما كانت أبداً، والعلاقات بين دولتينا لا تتزعزع».
وأضاف أنه أحياناً تظهر خلافات مع حكومة إسرائيل «ونعرب نحن عن قلقنا، مثلاً في شأن السياسة الاستيطانية»، مبيناً أن الولايات المتحدة تنطلق من كونها شريكاً «قلقاً بشكل عميق بشأن مستقبل إسرائيل».
وكانت الحملة الأميركية الجديدة على نتنياهو قد بلغت ذروتها بما نشره الصحافي الأميركي جيفري غولدبرغ عما سمعه على ألسنة عدد من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية عن نتنياهو. وأحدهم وصف رئيس الحكومة بأنه «جبان مريع» (Chickenshit).
وقال غولدبرغ إنه سبق للمسؤولين الأميركيين أن وصفوا نتنياهو بـ«الرافض، الثرثار، قصير الرؤية، مغلق، ومتغطرس ومصاب بمرض أسبرغر (أحد أمراض التوحد وعدم فهم الأوضاع الاجتماعية)»، وقالوا إنه «لا يملك الجرأة لمهاجمة إيران».
وجاء تصعيد الانتقادات الأميركية بعد قرار نتنياهو توسيع الاستيطان، وهو ما اعتبره غولدبرغ شهادة على وجود الحكومتين في مسار تصادمي هو الأخطر في تاريخ العلاقات بين الدولتين.
وأشار غولدبرغ إلى أن الوضع قد يتفاقم بعد الانتخابات النصفية للكونغرس مطلع الشهر المقبل. بل إن غولدبرغ، الذي يحظى بمصادر رفيعة المستوى وموثوقة، أبدى تقديره بأن إدارة أوباما قد تزيل في العام المقبل المظلة الديبلوماسية التي تمنحها لإسرائيل في دوائر الأمم المتحدة، ولكن قد يسبق ذلك حدوث أزمة بين الدولتين على خلفية اتفاق تبرمه الولايات المتحدة مع إيران بشأن مشروعها النووي.
ومن أحاديث أجراها مع عدة شخصيات، يستنتج غولدبرغ أن نتنياهو «شطب» أوباما في كل ما يتعلق بالنضال ضد الاتفاق النووي مع إيران، وهو ينوي التوجه مباشرة إلى الكونغرس والشعب الأميركي في حال إبرام هذا الاتفاق. وفي رأي أحد المسؤولين الأميركيين في المقابلة مع غولدبرغ لمجلة «ذي أتلنتيك»، فإن «الأمر الجيد هو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يخاف من شن الحرب. الأمر السيء فيه هو أنه لا يريد فعل شيء لصالح الفلسطينيين ولا لصالح الدول العربية المعتدلة... الأمر الوحيد الذي يعنيه هو حماية نفسه من هزيمة حزبية... إنه ليس رابين، ولا شارون وبالتأكيد ليس بيغين. إنه يفتقر للشجاعة».
وبحسب غولدبرغ، فإن مسؤولاً أميركياً آخر ضليعاً في كل ما يتعلق بإسرائيل، وافق على رأي المسؤول السابق بشأن «جبن» نتنياهو تجاه العملية السلمية التي تعيش حالة غيبوبة «كوما».
وأضاف أن نتنياهو يخاف أيضاً في كل ما يتصل بالشأن النووي الإيراني. وفي نظره، «الإدارة الأميركية لم تعد تخشى من شن نتنياهو هجوماً على المنشآت النووية. الأمر بات متأخراً جداً بالنسبة إليه. قبل عامين أو ثلاثة كان الأمر ممكناً، لكنه لم يملك الشجاعة للضغط على الزناد».
وهذا التقدير يخالف ذاك الذي ساد في البيت الأبيض في سنوات 2010-2012 حينما كانت هناك قناعة بأن نتنياهو ووزير الدفاع حينها إيهود باراك أعدا خطة للهجوم على إيران. وكان الخوف الأميركي من الهجوم الإسرائيلي على إيران حقيقياً، لدرجة أن القيادة المركزية الأميركية في فلوريدا كانت ترقب عن كثب المزاج والوضع الميداني لوضع تقديراتها.
وحالياً، لا يوجد خوف أميركي كهذا، لدرجة أن أحد المسؤولين أبلغ غولدبرغ أن «نتنياهو يخادع». وقد أعطى الإيمان بأن تهديدات نتنياهو فارغة من كل محتوى الإدارة الأميركية نفسها في المفاوضات مع إيران.
ولفت غولدبرغ إلى أن دافعاً آخر لتفجير العلاقات بين الحكومتين يتمثل في سلوكيات نتنياهو وحكومته. وقد وصف مسؤول أميركي نتنياهو بـ«ساخن المزاج»، إثر مصادقته على توسيع الاستيطان في الضفة والقدس الشرقية المحتلتين، وهو ما اعتبرته الإدارة تقويضاً لمساعي وزير الخارجية الأميركي جون كيري لإحياء عملية التسوية مع الفلسطينيين.
ونقل عن مسؤول آخر قوله إن خطوات نتنياهو وحكومته تسرع نوايا الولايات المتحدة في أن تظهر للعالم «احتقارها» لإسرائيل. وفي نظره، فإن توسيع الاستيطان وإدخال مستوطنين إلى أحياء عربية في القدس الشرقية هي إشارات واضحة من نتنياهو لمعسكره السياسي تمهيداً للانتخابات المقبلة.
وقد رد ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية على التسريبات الأميركية بالقول إن «رئيس الحكومة سيواصل الإصرار على المصالح الإسرائيلية وعلى الحقوق التاريخية للشعب اليهودي. ولن يغير ذلك أي ضغط». كما أن وزير الاقتصاد نفتالي بينت أعلن أن «رئيس الحكومة ليس شخصاً منفرداً، وإنما زعيم الدولة اليهودية. شتائم خطيرة كهذه تجاه رئيس حكومة إسرائيل مهينة لملايين مواطني إسرائيل. ولم يحظ بهذه الأوصاف لا زعيم سوريا الذي ذبح 150 ألفاً من مواطنيه ولا زعيم السعودية الذي يجلد النساء والمثليين».
وخلص بينت إلى القول إنه «إذا كان ما نشر صحيحا فإن الإدارة الحالية تنوي رمي إسرائيل تحت عجلات الحافلة. فإسرائيل تستحق المكافأة بدلاً من مهاجمتها».
وشهد اليومان الأخيران استمرار التصعيد وتبادل الاتهامات بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية. فبعدما انتقدت الولايات المتحدة بشدة قرار توسيع الاستيطان واعتبرته معرقلاً للسلام، رد نتنياهو بأن الانتقادات لتوسيع الاستيطان هي ما يعرقل السلام.