خبر قطار مدن.. معاريف الاسبوع

الساعة 09:19 ص|24 أكتوبر 2014

قطار مدن.. معاريف الاسبوع

بقلم: كارني الداد

(المضمون: مسافرة في القطار الخفيف تجتاز الطريق في مساره من غربي المدينة الى شرقيها وتستمع الى حوار المسافرين بعد يوم من عملية الدهس بحق مسافري القطار - المصدر).

العاشرة صباحا، القدس. بعد يوم من عملية الدهس في القطار الخفيف والتي قتلت فيها رضيعة ابنة ثلاثة اشهر، القطار شبه فارغ. "أثر الـ 24 ساعة"، يسمون هذا. في اليوم التالي للعملية الناس يقلون من الخروج، يبتعدون عن المواصلات العامة.

في محطة القطار في غربي المدينة أب وطفلة. الطفلة تطير فقاعات صابون. الاب لا يخاف الصعود الى القطار مع ابنته. يوجد فارق كبير بين غربي المدينة وبين شرقيها. هنا، في الغرب، هذه قدس اخرى. هادئة أكثر، قابلة للاصابة أقل. قدس فقاعات الصابون. "ما كنت لاصعد الى القطار معها لو كنت أخاف"، يقول الاب.

توجد قطيعة مادية وحسية بين شطري المدينة. احساس بان الطرف الاخر يوجد "هناك". خلف جبال الظلام. "اذا خفنا أن يرشقونا بالحجارة في شارع يافا – فالويل لنا. لن نتمكن من العيش"، يقول افيغدور، من سكان المدينة.

شاب ابن 40 من سكان القدس هو أيضا، يقول انه يصعد الى القطار في خوف رهيب. هو يتذكر انفجارات الباصات في الانتفاضة الاخيرة. "أخاف ان ينفجر القطار. انتظري، سترين بان العمليات في القطار بعد قليل ستكون أمرا تافها". وهو يوجه انتباهي لحقيقة أنه لا يوجد حراس في المقطورات حتى في اليوم التالي للعملية. "مثلما يوجد حارس في مدخل المجمع التجاري، ينبغي أن يكون ايضا في القطار". القطار يسير فوق جسر الاوتار. كتابات بالانجليزية، بالعربية وبالعبرية تبشر الى أين نسافر. المقطورات مليئة حتى النصف، كل المسافرين يهود، ومع أنه يوم الخميس، وبعد قليل السبت، وبعد قليل محطة محنيه يهودا، يفضل الناس أن يتدبروا أمرهم مع ما لديهم في البيت، والتنازل هذه المرة عن زيارة السوق.

ومع أن القطار يمر في مركز حي شعفاط – فلا تفاعل بين اليهود والعرب. لم يطرأ ازدهار في خطوط القطار، اليهود لا ينزلون لاجراء المشتريات باسعار زهيدة في المحلات في شارع السهل.

من محطة شارع يافا – تبدأ مكبرات الصوت التي تعلن عن اسماء المحطات بالحديث بالعربية ايضا. وتتغير الاجواء. "القطار الخفيف فارغ اليوم بعد أمس"، تقول امرأة لصديقتها في الهاتف، "الجميع يخافون السفر".

شمس خريفية تخترق السحب وتشرق على أسوار البلدة القديمة. عجوز يدخن على المقعد في ساحة العشب، نساء يسرن لمشترياتهن في باب العمود. العالم كعادته يسير. القطار في الطريق الى شمال شرق المدينة.

"لا يوجد حارس؟"، أسأل موظف بطاقات السفر. "لماذا؟"، يجيبني بسؤال، "حصل شيء؟ امس هو امس". موظف البطاقات يشرح بانه لا يوجد حراس في القطارات في غربي المدينة، وهم لا يحرسون الا المحطات. في شرقي المدينة يصعد حارس ويرافق القطار من جفعات همفتار وحتى بيت حنينا. في بسغات زئيف ينزل. الحراس يتواجدون في كل المقطورات في الوقت الذي يمر فيه القطار في الاحياء العربية.

لا ذكر لساحة الجريمة. فقط حارس في المكان. حارس واحد يصعد الى المقطورة، وهو مسؤول عن أمن المسافرين حتى بسغات زئيف. وهو يروي ان القطار محصن من اطلاق النار، إذ منذ البداية بنوه على هذا النحو.

في طريق العودة يقول رئيس البلدية نير بركات في صوت الجيش ان الشرطة تعرف ما ينبغي عمله، ولكنها لا تعمل الحد الاقصى. انتفاضة 2014 تبدو في القدس على النحو التالي: رشق حجارة، زجاجات حارقة والعاب نارية، يقتلون اليهود، والشرطة تحتوي.

أربعة شبان عرب يصعدون الى المقطورة. عندما أسألهم اذا كانوا يخافون السفر بعد يوم من العملية، يسألون باستخفاف "لماذا، ممَ ينبغي لنا أن نخاف؟! من سيفعل لنا شيئا؟".

مسافرة واحدة، قبل لحظة من انتهاء الرحلة، تروي بان قبل عشر سنوات خاف الناس من الصعود الى الباصات. كان رهان، قد يتفجر هذا، ولعلني انتظر الباص التالي. اما اليوم فهذا هو القطار.