خبر التفكجي: لم يبق من القدس سوى 13%

الساعة 06:34 م|20 أكتوبر 2014

القدس المحتلة - وكالات

«القدس عروس عروبتكم، فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها»، هذا ما قاله الشاعر العراقي مظفّر النوّاب قبل أن يرى ما آل إليه وضع القدس اليوم. فبينما تواصل إسرائيل عملية تهويد المدينة و«أسرلتها» وتغيير معالمها، يواصل العرب «تنافخهم» بالتنديد والاستنكار، لينطبق عليهم المثل: «تسمع جعجعة ولا ترى طحناً».

تعيش القدس اليوم أسوأ واقع لها منذ احتلالها، إذ لم يبق منها سوى 13% والباقي جرى تهويده، وذلك بعدما نجحت إسرائيل في قلب معالم المدينة الجغرافية عبر خنقها بالمستوطنات، ثم المعالم الديموغرافية بدعم المستوطنين ومضايقة المقدسيين وطردهم من منازلهم.


وأطلقت إسرائيل منذ احتلالها القدس عشرات المشاريع الاستيطانية؛ أبرزها مشروع «القدس الكبرى 1967 ـ 2020» ضمن خطة استراتيجية شاملة تستهدف هوية المدينة وتاريخها، وهو ما يؤكده مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق، خليل التفكجي، إذ يبين أن إسرائيل تعمل منذ 1967 وفق استراتيجية واضحة لجعل القدس مدينة يهودية، «فهي بدأت بتوسيع حدود القدس من 6.5 كلم مربع إلى 72 كلم مربع، وكان غرض ذلك قضم الأراضي، ونقلها من ملكية الفلسطينيين إلى الإسرائيليين».


ويوضح التفكجي، لـ«الأخبار»، أن سلطات الاحتلال حولت 35% من مساحة شرق القدس (24 كلم مربع) إلى «المصلحة العامة»، ثم سنّت قانون تنظيم البناء الذي حوّل جزءاً كبيراً من الأراضي إلى «خضراء»، ما يعني حرمان الفلسطينيين من استخدامها، وتحويلها في ما بعد إلى الإسرائيليين، «وليس أولاً قانون أملاك الغائبين الذي سيطرت به على أملاك الفلسطينيين غير الموجودين في المدينة».


وبمقارنة واقع القدس الحالي بما كانت عليه بداية احتلالها، تظهر الدلائل أن شرق المدينة على الأقل كان فلسطينياً 100%، فيما لم يبق منها اليوم سوى 13%، كما يوضح الخبير في الخرائط. ويضيف: «هذه النسبة تنطبق على الديموغرافيا أيضاً، فقد بلغ عدد سكان الشرق (1967) نحو 70 ألف فلسطيني، دون أن يكون هناك إسرائيلي واحد، واليوم هناك 200 ألف إسرائيلي، مقابل 320 ألف فلسطيني، ثم طردت إسرائيل 125 ألفاً خلف الجدار، ما يعني بقاء 195 ألف فلسطيني داخل شرق القدس التي باتت الأغلبية فيها للمستوطنين.
وهذا الأمر ينطبق بطبيعة الحال على الوحدات السكنية، إذ كان الفلسطينيون عام 1967 يملكون نحو 12 الف وحدة، دون أن يكون للإسرائيليين وحدة واحدة. لكن اليوم انقلبت المعادلة، إذ بات هناك 48 ألف وحدة سكنية للفلسطينيين، مقابل 58 ألف وحدة سكنية للمستوطنين، و58 ألف وحدة سكنية جديدة بانتظار البناء، وفق التفكجي.
والتركيز على تغيير نسبة السكان بدأته رئيسة وزراء الاحتلال السابقة، غولدا مائير، عام 1972، من أجل جعل سكان المدينة لا يتجاوزون 22% من مجموع من هو في حدود بلدية القدس، وذلك بتركيز سياسة هدم المنازل وسحب الهويات، ثم الطرد ومصادرة الأراضي. في المقابل، ظل المقدسيون صامدين وعملوا على زيادة نموهم ليصل إلى 37%.
التفكجي يقدر أن هذه المعطيات جعلت إسرائيل تتوقع وصول نسبة السكان الفلسطينيين إلى 55% عام 2040، وهو ما يعني أن تتحول المدينة إلى ثنائية القومية، وتصبح عاصمة لدولتين، «الأمر الذي عالجته بإقامة جدار الفصل العنصري، وإخراج 125 ألفاً لجعل القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لها».
والأخطر من ذلك أن الاحتلال لا ينظر إلى القدس الحالية، التي تبلغ مساحتها 1.2% من مساحة الضفة المحتلة على أنها العاصمة، بل تسعى إلى خلق القدس الكبرى، وضم الكتل الاستيطانية التي تقع خارج حدود البلدية داخلها، وتلك تعادل 10% من مساحة الضفة. كذلك أشار التفكجي إلى استمرار فرض الضرائب على المقدسيّين مع أنهم لا يحصلون على خدمات، فضلاً عن قوانين عسكرية أخرى.
والمسعى الواضح حتى اللحظة أن لدى سلطات الاحتلال مشروعاً واضحاً في المدينة، وهو (القدس 2020) الذي تم تمديده حتى (2030)، ويهدف إلى جعل المدينة ذات أقلية عربية لا تتجاوز 12% مقابل أغلبية يهودية مطلقة 88%، وأيضا ضبط عملية نموها وتحويلها إلى «فسيفساء معزولة ومحاطة بإسرائيل من جميع الجهات، ما يسهل السيطرة عليها أمنياً واقتصادياً واجتماعياً».
وبينما ترتفع الدعوة إلى زيادة زيارات المسؤولين العرب للقدس بموافقة وحماية إسرائيلية، بدأت إسرائيل، وفق التفكجي، منذ الثالث من حزيران الماضي محاولة إنهاء قضية المسجد الاقصى عبر تحويل ساحاته إلى مؤسسات وحدائق عامة، ونقل ملكيتها من الأوقاف إلى بلدية الاحتلال. ويختتم بالتحذير أن هناك «تنفيذاً لمخطط التقسيم الزماني والمكاني الذي بدأ بتخصيص الأقصى منذ الساعة 7:30 ـ 11:30 صباحاً للإسرائيليين، ثم بعد ذلك للمسلمين»، متوقعاً بدء التقسيم المكاني قريباً».