خبر أباحوا دم حدودنا- معاريف الاسبوع

الساعة 09:00 ص|23 سبتمبر 2014

أباحوا دم حدودنا- معاريف الاسبوع

بقلم: بن كسبيت

(المضمون: لو كان هذا انتهى بـ 50 الفا يتواجدون هنا لقلنا حسنا. ففي عصر الانترنت، ملايين الارتيريين، السودانيين والافريقيين الكثيرين الاخرين قد اطلعوا على الامر منذ الان: اليهود مرة اخرى انقلبوا. يوجد إذن بالمجي - المصدر).

 

ليس مرغوبا فيه وليس بسيطا انتقاد محكمة العدل العليا هذه الايام. فلم يتبقَ لنا الكثير هنا بعد محكمة العدل العليا. ففي الايام التي تسقط فيها كل قلاع سلطة القانون، ينهار فيها كل حماة الحمى وانظمة الادارة، وتخبو وسائل الاعلام فتحتل وتصبح السيطرة السلطوية الاستمتاعية حقيقة ناجزة، ينبغي الحفاظ على محكمة العدل العليا من كل ضر. فهذا ما يفصل اليوم بيننا وبين العالم الثالث والرابع. بين اسرائيل نتنياهو وتركيا اردوغان، روسيا بوتين.

 

وبعد أن قلنا كل هذا، لا يمكن الا يغتاظ المرء في ضوء قرار محكمة العدل العليا أمس للرفض المتكرر لتعديل قانون التسلل وركل الدلو الاخذ بالامتلاء بمتسللي العمل الذين يغادرون اسرائيل طوعا والتي كانوا تسللوا اليها في ظل خرقهم للقانون. لقد استخدم القاضي عوزي فوغلمان امس كل التعابير العالية والليبرالية لكرامة الانسان وحريته. بل انه تحدث حتى عن كيف يمكن للمتسلل العمل أن يكتسب لنفسه تعليما او يجد لنفسه زوجة اذا كان في منشأة المكوث؟ فهذا لا يعقل.

 

وبالفعل، هذا لا يعقل على الاطلاق. فلعل حضرة القاضي فوغلمان يتفضل فيصدر أمر جلب للزوجات لهؤلاء الرفاق كي يصلن على الفور وعلى التو حتى لا تتضرر حقوق الانسان والفرد لمتسللي العمل اولئك؟ كان يمكن لهذا ان يبدو مضحكا لو لم يكن محزنا بهذا القدر. ثمة لحظات لا تكون فيها القيم الليبرالية والانسانية ذات صلة. ثمة لحظات تأسيسية يتعين فيها على الدولة أن تقرر اذا كانت تصر على موقفها وعلى حدودها ام تستسلم، تنثني وتنهار تحتها. لو كانت اسرائيل دولة مجاورة لاحدى الدول الافريقية التي تدور فيها رحى حرب اهلية قاسية أو يعربد فيها وباء وحشي، لقلنا حسنا. كان يمكن أن نفهم قلب القضاة الرحيمين، الذين يهرعون لنجدة ارواح اللاجئين البائسين الذي يدقون ابوابها. فنحن على أي حال يهود.

 

ليس هذا هو الوضع. فاسرائيل بعيدة عن دول اولئك اللاجئين الاف الكيلومترات. وهم يجتازون في طريقهم الطويلة الى هنا دولا عديدة إذ لا يوجد هناك عمل ولا يوجد قضاة سيسمحون لهم بتسفير سريع الى المركز المديني الذي يجدون فيه عملا سريعا، سكنا، علاجا طبيا، تعليما وما شابه. هذا ما اتاحه قضاة محكمة العدل العليا لهم ليفعلوه أمس.

 

لو كان هذا انتهى بـ 50 الفا يتواجدون هنا لقلنا حسنا. لنفترض ان اسرائيل، بمشاكلها المعقدة، أقلياتها المحبطة وعشرياتها المظلومة، يمكنها أن تتدبر مع هذا. المشكلة هي ان محكمة العدل العليا اتاحت دم حدودنا. ففي عصر الانترنت، ملايين الارتيريين، السودانيين والافريقيين الكثيرين الاخرين قد اطلعوا على الامر منذ الان: اليهود مرة اخرى انقلبوا. يوجد إذن بالمجي.

 

انهم لا ينطلقون في مسيرة طويلة وأليمة. فهم يطيرون، يسافرون، يدفعون الكثير من المال لشبكة ضخمة من المهربين الذين يجلبونهم الى هنا، بالذات الى هنا، الى ابواب الدولة اليهودية الوحيدة، لانهم هنا فقط يوجد رحيمون أبناء رحيمين. او قضاة محكمة عدل عليا مغلقين ومسدودين، يمكنهم ان يوافقوا على النتيجة النهائية البائسة هذه. انهم يأتون من دول يتعاظم فيها الاسلام المتطرف. فاذهب لتعرف من يمكنه أن يدخل الى هنا تحت غطاء متسلل عمل، واي شبكات ارهابية يمكنها أن تنشأ هنا تحت غطاء "كرامة الانسان وحريته".

 

وفي النهاية، لو كانوا يتوزعون في كل البلاد، بعضهم يسكن لنفترض في رحافيا، المكان السكني الشعبي لكثير من قضاة محكمة العدل العليا، لقلنا حسنا. ولكن في المرات القليلة التي شوهد فيها متسللو عمل سود يجلسون ببراءة على مقعد في مركز شوستر في رمات أفيف، وصلت الى هناك على عجل مثير للدوار سيارة دورية شرطة لتأخذهم بكل الاحترام الى مكانهم الطبيعي: جنوب تل أبيب. فمواطنو هذا الحي، في معظمهم كبار في السن، مرضى، عجز وناجون من الكارثة على ما يبدو لا يوجد حق في "كرامة الانسان وحريته". محكمة العدل العليا تحمي المتسللين الذين احتلوا لهم الحي. وعليهم، يحمي الرب.