خبر إسرائيل تنظر إلى أبعد من «داعش»: استهداف المقاومة.. والتقارب مع الخليج

الساعة 06:19 ص|10 سبتمبر 2014

كتب: حلمي موسى


قبل أيام معدودة أعلن وزير الجيش والأمن الإسرائيلي الجنرال موشي يعلون عن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» كاتحاد غير مسموح.
وأمس، أعلن يعلون، في مؤتمر مكافحة الإرهاب في هرتسيليا، أن «بالوسع وقف داعش، بل إلحاق الهزيمة بهذه الموجة»، متهماً الغرب بأنه لا يبذل الجهد الكافي لمحاربة الإرهاب. ومن الواضح أن «داعش» أثار في إسرائيل اهتماما إعلاميا وسياسيا واستخباريا واسعا، دفع القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي إلى بث سلسلة تقارير جوهرها «داعش هنا» داخل إسرائيل في أوساط فلسطينيي الـ48.
وبرر يعلون قراره اعتبار «داعش» تنظيماً غير مسموح بأن «الأمر مطلوب لغرض الدفاع عن أمن الدولة، وسلامة الجمهور والنظام العام». ويعتبر القرار في جوهره حظراً لأية نشاطات لهذا التنظيم داخل إسرائيل والمناطق المحتلة من ناحية، وتحسباً لاحتمالات انتشاره في المستقبل. وفي ذلك نوع من الإشارة إلى الخطورة التي تنظر بها إسرائيل إلى «داعش» في إطار نظرتها إلى الحركات «الجهادية» المتطرفة، مثل تنظيم «القاعدة» ومشتقاتها، خصوصا بعد احتلال جماعات كهذه مواقع في الجولان السوري المحتل، وبعد انتشار أنباء عن انضمام شبان من فلسطينيي الـ48 للقتال في صفوف «داعش» في سوريا والعراق.
وبديهي أن زيادة اهتمام إسرائيل بتنظيم «داعش» جاء إثر نجاحات هذه المنظمة على الأرض، وقدرتها على فرض سيطرتها على مناطق شاسعة في العراق وسوريا، واحتمالات تمددها جنوبا. كما أن لدى إسرائيل معلومات تفيد بوجود علاقات متميزة بين «داعش» وجماعة «أنصار بيت المقدس» العاملة في سيناء، وربما مع جماعات فلسطينية في قطاع غزة. لكن الاهتمام الأساس كان بسبب الخشية من تمدد «داعش» إلى الأردن، وهو ما ترى فيه إسرائيل خطراً جدياً لا يمكن السكوت عنه.
لكن «داعش» لا يعني لدى الإسرائيليين مجرد عدو يقع في إطار ما كانت تتمناه تل أبيب من تصعيد للخطر الإسلامي، في إطار نظرتها عن صراع الحضارات والفائدة التي يمكن أن تجنيها جراء ذلك من شراكة مع الدول الغربية. فقد أضاف «داعش» لذلك بعداً جديداً، يتمثل في خطره على الأنظمة العربية المعتدلة، بحيث أصبح يشكل قاعدة لتعاون إقليمي واسع. وفضلاً عن العلاقات الأمنية المرسخة في معاهدات السلام بين إسرائيل وكل من مصر والأردن، صارت إسرائيل تتطلع لتوسيع هذه العلاقات، لتشمل أساساً دول الخليج العربي، خصوصا السعودية.
كما أن «داعش» وفر لإسرائيل فرصة لادعاء أن الصراع العربي ـ الإسرائيلي والقضية الفلسطينية ليسا لب النزاع في المنطقة، التي تعاني من مشكلات جوهرية مختلفة، يشكل «الدولة الإسلامية» واحدة منها. ومن الجائز أن جملة الأوضاع والظروف والأسباب الآنفة هي ما دفعت إسرائيل للتعامل مع «داعش» وفق نظرة مزدوجة: «داعش» مفيد وضار في الوقت ذاته. وإسرائيل تتعامل بازدواجية أيضا مع هذه الظاهرة.
فرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حاول مع بدء الحرب الأخيرة على غزة، إعلان حركة «حماس» بأنها «داعش إسرائيل» وبالتالي طالب العالم الغربي، والعربي أيضا، بالوقوف إلى جانبه، لأن الحرب واحدة ضد الإسلام المتطرف. ولم يخف عدد من القادة الإسرائيليين حقيقة رغبتهم في أن تكون المعركة العالمية والإقليمية، ضد الإسلام بكل تعابيره السياسية.
على أن الازدواجية نفسها قادت القادة الإسرائيليين إلى إظهار نوع من الاختلاف في التعامل مع الخطر الذي يمثله «الدولة الإسلامية». فقد أراد جزء من القادة التوضيح أن «داعش» لا يشكل خطراً البتة على إسرائيل، مقابل جزء آخر يرى أنه يشكل خطراً، لكنه ليس الخطر الأول. وفي نظر الجانبين فإن «حماس» و«حزب الله» أشد خطراً على إسرائيل من «داعش». لكن قسماً من الإسرائيليين يرون أن المشاركة في الحرب على «الدولة الإسلامية» قد تفسح الطريق لتفهم دولي وإقليمي أكبر للحرب على «حماس» وفصائل المقاومة الفلسطينية و«حزب الله».
لكن بعضاً من كبار الاستراتيجيين الإسرائيليين يحذرون من التجاوب مع النظرة الدولية التي تعتبر «داعش» الخطر الأبرز في المنطقة. فإسرائيل الرسمية لا تريد لأحد أن ينسى أن إيران هي الخطر الأساس بسبب مشروعها النووي، وأن هذا ليس خطراً عليها، وإنما أيضا على القوى الإقليمية العربية الأخرى. كذلك تخشى إسرائيل أن تسهم الحرب المشتركة على «داعش» في تناسي بعض العرب للخطر الإيراني، والأهم في تناسي أميركا لهذا الخطر. لهذا سعت إسرائيل بقوة لمنع أي محاولة لإدراج إيران في «الحرب العالمية» التي أعلنتها أميركا على التنظيم.
ولذلك حمل يعلون، في كلمته أمس، على الدول الغربية التي تعاقب إيران فقط بسبب مشروعها النووي، ولا تعاقبها بسبب ممارستها وتشجيعها للإرهاب. وقال إن «العالم الحر متسامح جدا تجاه المنظمات الإرهابية، وتجاه الدول الداعمة للإرهاب. مثلا إيران التي تستخدم الإرهاب، ليس فقط ضدنا. إيران تعمل في أفغانستان، بل في محاولة لاغتيال السفير السعودي في أميركا. وهي تمارس عمليات في آسيا وأفريقيا. لا شك بأن النظام الإيراني يدعم الإرهاب، يسلح الإرهاب، يموّل الإرهاب».
في كل حال، نقل موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر ديبلوماسي أوروبي قوله إن دور إسرائيل في محاربة «داعش» حيوي لنجاح الجهد العالمي. واعتبر أن دور إسرائيل استخباري بالدرجة الأولى، وهو ليس جديداً، لأن التعاون وثيق في هذا المجال بين الدول الأوروبية وإسرائيل التي يمكنها أن تقدم معلومات عن نشطاء «داعش»، سواء في الشرق الأوسط أو في أوروبا. وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت عن ديبلوماسي غربي قوله إن إسرائيل بدأت في تقديم المعلومات الاستخبارية للتحالف الغربي عن «داعش». ومعروف أن الغرب عموما، والإدارة الأميركية خصوصا، ترى في إسرائيل جزءاً من الائتلاف الإقليمي لمحاربة «الدولة الإسلامية».