خبر مفاتيح قطاع غزة- نظرة عليا

الساعة 08:54 ص|31 أغسطس 2014

 بقلم: شموئيل ايفن

ان الاغلاق والحصار على قطاع غزة يعتبر احد الاسباب الرئيسية لهجوم القذائف من قبل حماس، التي ادت لعملية الجرف الصامد. يدعي الفلسطينيون ان اسرائيل تفرض عليهم "حصارا" من اجل تركيعهم، لا اساس لهذا الادعاء، الارهاب من قطاع غزة هو السبب الجذري للوضع الاقتصادي السيء لسكان القطاع، واذا لم ينته الارهاب من القطاع- فان احتماليات التطوير الاقتصادي والنمو ضعيفة.

رفاه اقتصادي في القطاع هو مصلحة اسرائيلية

حاولت اسرئيل بعد خطة الانفصال ان تعطي قطاع غزة علاقات اقتصادية سليمة مع محيطها. وجد ذلك تعبيره سواء بقرار الحكومة او باتفاقية "الحركة والوصول" (تشرين ثاني 2005). ومع ذلك فان ازدياد الارهاب في القطاع بما في ذلك الهجوم الذي تكرر بالمعابر، هذا ادى الى تشديد الاحتياطات الامنية، والتي ادت بدورها الى تقليص حركة البضائع من القطاع واليه. اضافة لذلك، فان حماس التي هي مبنية على الارهاب ضد اسرائيل قامت بعمل علاقات عسكرية وسياسية مع اعداء اسرائيل، من بينهم ايران وحزب الله، الذين يصرحون مثل حماس عن رغبتهم بتدمير اسرائيل. بهكذا ظروف من الصعب ان نتوقع وجود علاقات تجارة سليمة بين الاطراف.

ايضا بفترة السلطة، منذ تطبيق اتفاق "غزة اريحا اولا" عام 1994، اخل الفلسطينيين بكل شرط ضروري لوجود اقتصاد سليم في القطاع، مثل: الامن"لم تأخذ السلطة الفلسطينية سلاح حماس والجهاد الاسلامي عندما كانت تسيطر على القطاع"، استقرار سياسي وادارة سليمة.

الوضع الاقتصادي بالقطاع ازداد سوءا عندما سيطرت حماس التي اضرت اعمالها الارهابية بالاستثمارات الخارجية واضرت بالعلاقة بين القطاع وبين مصر. فشلت حماس مثلما فشلت السلطة قبلها في ادارة اقتصاد قطاع غزة، بسبب التركيز على الصراع مع اسرائيل والاهتمام بالاقرباء، واهمال رفاه السكان.

اغلاق امني وليس حصارا اسرائيليا

للاغلاق الامني الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة تأثيرات اقتصادية واضحة. ومع ذلك لا يوجد "حصار اقتصادي". التفسير الاساسي لذلك هو ان هدف الاغلاق امني دفاعي وليس اخضاع حماس، ومع ذلك يوجد لذلك اسباب سياسية- قامت حماس عام 2007 بالغاء الاتفاقيات مع اسرائيل، وطردت شخوص السلطة الفلسطينية من المعابر وايضا اقامت علاقات سياسية وامنية مع جهات معادية لاسرائيل، هناك اسباب عملية اخرى، تفسر الوضع الحالي- التجارة هي امر يحتاج الى تجار من الطرفين ومن الصعب العمل في ظل سيطرة تنظيم ارهابي على قطاع غزة.

على الرغم من الارهاب فان اسرائيل تسمح نقل بضائع ومواد متعددة، لكنها تمنع او تقيد الاشياء ذات الاستخدام المزدوج، بما فيها مواد البناء "التي استخدمت بالانفاق الهجومية" على ذلك تدلل البضائع التي تنقل من اسرائيل لغزة، كما تظهر معطيات مكتب منسق الاعمال في الضفة فمثلا، في الاسبوع الذي سبق عملية الجرف الصامد دخلت الى قطاع غزة من اسرائيل 1.366 شاحنة حملت معها 32.740 طن ومن بينها اشياء مثل، فواكة وخضار، لحوم ودجاج، قمح وشعير، ارز، البان، بناء، ملابس، غاز للطهي، غذاء للحيوانات، وغيرها، منذ بداية العام وحتى عشية العملية العسكرية عبرت الى غزة من اسرائيل 536 الف طن بـ 23 الف شاحنة بالاضافة اللى ذلك فان اسرائيل المزود الاساسي للكهرباء والمياه لقطاع غزة ولاسباب امنية فان التصدير من قطاع غزة لاسرائيل قليل. بالوضع الروتيني، حركة الناس تتم عن طريق معبر رفح الى مصر. يشار ان اسرائيل سهلت عبور البضائع لقطاع غزة منذ قضية "مرمرة" عام 2010

ادعاء اخر هو، ان اسرائيل لا تحيط قطاع غزة من جميع الاتجاهات وهناك حدود مشتركة مع مصر، الا ان حماس نجحت بالتنازع مع السلطة في القاهرة بسبب الارهاب من القطاع لمصر. والتفاقم الاخير للوضع الاقتصادي كان سببه خطوات مصرية، حيث اغلقت معبر رفح واغلقت معظم الانفاق تحت حدودها وهذا وجد تعبيره بتقليص حاد

لدخول مواد البناء للقطاع، الامر الذي ادى لتوقف الاف عمال البناء عن العمل، اضافة الى ان السلطة الفلسطينية من جانبها رفضت دفع معاشات لحماس في اطار حكومة الوحدة الفلسطينية طالما ان مؤسسات السلطة في غزة لم تنتقل لسيطرتها.

تحليل قضائي، يستند للقانون الدولي، قامت النيابة العسكرية بعمله، يؤيد الادعاء القائل ان اسرائيل لا تفرض حصار اقتصادي على قطاع غزة وانما اغلاق لاسباب امنية. يشار ان منظمة حقوق الانسان،"جيشه" تتحفظ هي ايضا على استخدام مصطلح "حصار" تعتبر ما تقوم به اسرائيل اغلاق وهي ايضا ترى ان تقييد الحركة يخلق اغلاق وبالتالي مس بحقوق الفلسطينيين .

مصلحة حماس

تنظيم حماس يهتم باستمرار سيطرته على قطاع غزة كأساس لصراعه العسكري والسياسي مع اسرائيل، صحيح انه مهتم برفاه السكان ولكن لا يؤيد ولا يسعى بالضرورة للتطور الاقتصادي. يهتم جدا باستمرار ثقافة اللجوء في القطاع، المسؤولة من الاونروا كأساس لطموحه بنقل اللاجئين مستقبلا لأراضي اسرائيل في اطار حلمه باقامة دولة اسلامية مكان اسرائيل. وما دخول حماس لحكومة الوحدة الا تعبيرا عن حاجاته الاساسية والملحة- استمرار سيطرته على القطاع، تمويل اجرة نشطائه والاستمرار بتطوير الجهاز العسكري.

مسألة الاغلاق موجودة بصلب المفاوضات بين الاطراف، المفاوضات التي استمرت حتى 19 اب 2014 في القاهرة، الظاهر ان نقاش هذا الامر ينقسم الى مرحلتين المرحلة الاولى والملحة هي الاعمار الفوري لقطاع غزة على ضوء الوضع الصعب للسكان والذي ازداد صعوبة خلال عملية " الجرف الصامد" المرحلة التالية، نقاش حول تطوير اقتصاد القطاع بما في ذلك اقامة ميناء بحري واعمار المطار ومقابل ذلك تطالب اسرائيل ان تكون غزة منزوعة السلاح- هذه المرحلة تؤجل للمستقبل.

المغزى السياسي

توسيع عبور البضائع من اسرائيل الى غزة ودفع المعاشات لنشطاء حماس، يزيد من قوة سلطة حماس في المرحلة الاولى وفي المرحلة التالية، كلما عاد الوضع في القطاع لسابق عهده وتحسن فان تطبيق فكرة "نزع السلاح مقابل الاعمار" التي هي مصلحة اسرائيلية ومصلحة للسلطة الفلسطينية، ومصلحة مصرية وعربية، الامر الذي تؤيده الولايات المتحدة ودول في الاتحاد الاوروبي. استمرار سلطة حماس في القطاع تقلل احتمالية عودة السلطة الفلسطينية للسيطرة الكاملة على قطاع غزة وتقلل فرصة التواصل الجغرافي بين الضفة وقطاع غزة الذي كان اساس اتفاقيات اوسلو.

استخدام السلطة الفلسطينية كوسيط بين اسرائيل وحماس بما في ذلك في المعابر الحدودية ليس حلا للمشاكل الامنية والسياسية لاسرائيل بل من شأنه ان يصعب عليها في المستقبل. مصلحة اسرائيل هي اعطاء اولوية عليا لاعمار المخيمات في القطاع ، كل خطة دولية يتم تنفيذها مستقبلا سيكون لاسرائيل مصلحة بفتح ميناء بحري عميق في غزة خاضع لترتيبات امنية، وهذا من اجل تقليص ارتهان القطاع باسرائيل.

خلاصة

لاسرائيل مصلحة كبيرة بنمو القطاع واعماره سواء لاعتبارات انسانية او اعتبارات سياسية امنية، ولكن بسبب الارهاب ضدها فان اسرائيل مضطرة لفرض اغلاق على قطاع غزة وهو اغلاق امني وليس حصارا، وله تأثيرات اقتصادية واضحة. كلما عاد الوضع في قطاع غزة لسابق عهده تحت سلطة حماس كلما قلت فرصة تطبيق مبدأ" نزع السلاح مقابل اعمار" بالمستقبل. مثل أي اتفاقية يجب على اسرائيل ان تصمم على بقاء المعابر الحدودية كأراضي سيادية اسرائيلية وان العبور لا يجب ان يستغل لضرب امنها.