خبر أين النصر – يديعوت

الساعة 08:50 ص|31 أغسطس 2014

المراوحين والمتباكين

بقلم: سيفر بلوتسكر

بعد ان توقفت النار، تبدأ الاسئلة. وها هو اثنان:

•ما هو النصر؟

"حماس"، قال رئيس الوزراء نتنياهو في المؤتمر الصحفي في اجمال مؤقت للجرف الصامد، "اضطرت لان توافق على وقف النار دون أن نقبل نحن أيا من مطالبها". وقد عرض نتنياهو الوضع كنصر، او على الاقل كانجاز. بعد ذلك غضبوا – هو، وزير الدفاع ورئيس الاركان – من عرض الامور الحقيقية وصدقهم لم يقنع الجمهور بحجم النصر. ولماذا يقنع؟ فقد توقع الجمهور أن يسمع من رئيس الوزراء القول التالي: "حماس اضطرت بقبول معظم مطالبنا كي توافق اسرائيل على وقف النار"، ووزير الدفاع يضيف ويوضح: "وافقنا على وقف النار فقط بعد أن قبلت حماس اساس مطالبنا".

ولكن نتنياهو ويعلوم لم يرغبا في الكذب. وقد صاغا خطابيهما بحذر كي يعكسا بدقة نتائج القتال، والتي تتلخص بثلاث كلمات: هم لم ينتصروا. الجرف الصامد، بفهم معظم اعضاء الحكومة، كانت منذ بدايتها حملة الهدف فيها هو ايقافها. وقد تحقق الهدف بعد خمسين يوما من القتال.

لقد اعتقد الجمهور الاسرائيلي، وبالخطأ على ما يبدو، بان اهداف الجرف الصامد كانت مختلفة. مثلا، ازالة نظام متزمت وارهابي من غزة والذي في أساس فكره التعهد بابادة دولة اسرائيل. مثلا، تجريد غزة وترميمها. مثلا، خلق اساس لاختراق سياسي كبير بلا حماس. والان يتبين بان هذه كانت مجرد خيالات. الحكومة سارعت الى العودة الى الجمود المريح والعقم المطمئن.

الضغط الدولي على اسرائيل لوقف النار ميز مواجهاتنا العسكرية في الماضي. أما هذه المرة فقد مورس الضغط للتوقف على العدو، على حماس، التي اشترطت شروطا بوضع سلاحها. وقد أجدى الضغط، وتفضلت حماس بوقف النار "دون انجازات" ذات مغزى. ولم يحصل قادتها بالمقابل على وعد بميناء في غزة ولا بالمشاركة في برنامج الاخ الاكبر. فقد تنازلوا لنا.

•ما هو اليسار؟

لقد شكلت أحداث الشهرين الماضيين تحديا لليسار في اسرائيل. تحدٍ من النوع الذي وصفه الشاعر اليهودي الالماني برتولد بريخت في قصيدته "الشكاك": "في كل مرة كان يخيل لنا انا وجدنا الجواب... ظهر أمام ناظرينا الرجل الشكاك جدا".

ينبغي للشك ان يكون احد المميزات الواضحة للتفكير اليساري، خلافا لذاك المحافظ- اليميني. ينتظر من اليسار ان يشك، أن يشكك، أن ينتقد الواقع وان ينتقد نفسه، ان يتجدد، أن ينتعش وأن يعارض كل شكل من اشكال التحريض – ليس فقط العنصري، بل والطبقي.

وحسب هذه المواصفات، فان اليسار الاسرائيلي اضاع فرصة الجرف الصامد. فبدلا من السفر الى بلدات الجنوب، والتجند للمساعدة واظهار التواجد والاكتراث، ذهب اليسار للتظاهر – كالمعتاد – في ميدان رابين في تل أبيب. وبدلا من الشروع في حوار مع مئات الاف الاسرائيليين من الوسط ومن اليمين السياسي المعتدل، ممن فقدوا طريقهم وامنهم، أغلق اليسار على نفسه وبدأ ينضج في عصارته ذاتها. وبدلا من فحص مواقفه في ضوء التغييرات العميقة في خريطة الشرق الاوسط، واصل اليسار التمسك بافكاره القديمة التي اصبحت على اي حال غير ذات صلة على نحو ظاهر.

في اجتماع لرجال اليسار في جامعة تل أبيب تحت العنوان الغريب: "كيف التفكير في الحرب؟" طرحت ضمن امور اخرى تحليلات معمقة لخطابات ضباط واعلانات تأييد للجيش الاسرائيلي. مثال على تفضيل الخطاب على الحوار والانشغال بالرسائل على الانشغال بالواقع. ذاك الذي يرفس ويؤلم.

كان هناك يساريون شذوا عن التلم مثل أ. ب يهوشع الذي اقترح الشروع في حوار مع حماس، مثل عاموس عوز الذي دافع بحماسة ادبية عن حق اسرائيل في الرد بالنار على مصادر النيران، ومثل رئيس العمل بوجي هرتسوغ الذي اجتهد للتحرر من الكليشيهات الحزبية. ولكنهم بقوا في الاقلية. فاليسار في معظمه فشل في اختبار السؤال الذي طرحه عليه برتولد بريخت في قصيدته المقتبسة: "وكيف سيعمل من يؤمن بما قلتم؟".

وبدلا من التجرؤ وطرح حلول جديدة، اليسار الاسرائيلي في اثناء الجرف الصامد تجرأ اساسا على التباكي.